السبت، 10 مايو 2014

أوهن من عش العنكبوت ( 2 )



اهلا ...


لا تخلى فلسفه او حضاره او وجود اجتماعي من مفهوم الحريه والاراده
لطالما حاول الانسان ان يدرك ماله وماعليه تحت قانون عادل او سلطويه جائره
نداء الفطره كان يحتم عليه التفكير والخوض به وان كان ليس مجال
متاح  للجميع للخوض به والتحدث عنه فكان منوط بطبقه معينه من المجتمع اما
 بفقهاء القانون او الدين او الحكماء او الفلاسفه...

ولاهميه موضوع الحريه وأزليته كاحد اهم المسائل التي تشغل الانسان 
سياسيا واجتماعيا ودينيا وفكريا رأيت ان ناخذ لمحه تاريخيه موجزه 
عن اشكال ومعاني الحريه منذ اقدم العصور حتى عصرنا الحالي 
 
الحريّة ما قبل ظهور المعنى الفلسفي :

ارتبطت الحريّة عند اليونان قبل سقراط بفكرة المصير ، وبفكرة الضّرورة ، وبفكرة الصّدفة ، وفي العصر الهوميروسي ( القرن الحادي عشر والعاشر ق.م ) يُطلق لفظ حرّ على الإنسان الّذي يعيش بين شعبه وعلى أرض وطنه ، دون أن يخضع لسيطرة أحدٍ عليه ، أمّا في العصر التّالي لعصر الهوميروس صارت الكلمة من لغة "المدينة" فالمدينة حرّة ومن يعيش فيها فهو حرّ ، حيث يسود قانون يوفّق بين القوّة وبين الحقّ ، والمقابل "للحرّ " حينئذٍ ليس "العبد " بل الغريب أو الأجنبيّ ، أي من ليس يونانيّاً ، والآلهة هي الّتي قرّرت " الحريّة " ولهذا كانت الحريّة موضوعاً للعبادة .. من جهةٍ ثانية وُجِدَ إلى جانب فكرة الحريّة المدنيّة معنى تدلُّ عليه كلمة مختار " هو من يجعل قانون العالم الإلهيّ قانونه "


الحريه كما ترددت في بدايه الفلسفه :

فيرى أرسطو والأبيقوريون أن الإنسان حر حرية مطلقة. بينما خالفهم زينون الأيلي والمدرسة الرواقية فقالوا إن الإنسان مسير وليس بمخير. وعند الفرس القدامي أن القدر من الإنسان بخيره وشره، بمعنى أن الإنسان هو المحدث لفعله. أما الصابئة الذين كانوا بحرّان فقد كانوا جبرية، أي أن الإنسان مجبور على أفعاله وليس بمخير، أي ريشة في مهب الريح..
 
وفي الفلسفه الحديثه تسلك طريقان
احداهما تخص السلوك الانساني الاجتماعي والفردي خصوصا
والاخرى تتعلق بالنظام الكوني
فتتجه النظريه الاولى الى الايمان بحتميه السلوك الانساني وتعطيل اراده الانسان وسلب أي دور لارادته في سلوكه
تتجه النظريه الثانيه في تثبيت الحتميه في النظام الكوني بشكل عام وتذهب الى ان الكون كله يتحرك ضمن قانون دقيق بموجب قانون العليه او السببيه
وهاتان النظريتان تجريان في الاتجاهين الفكريين المعروفين الاتجاه الالهي والاتجاه المادي على نحو السواء
فان طائفه الذين يؤمنون بالحتميه في سلوك الانسان يؤمنون بالله تعالى وهو سبب تلك الحتميه كما نرى ذالك واضح جليا في فلسفه ديكارت ومنهجه العقلاني
كما جاء في كتابه المبادئ "ان الخطا من حيث هو خطا ليس شيئا واقعيا مرده الى الله انما هو نقص فحسب فاذا اخطأت لم اكن بحاجه الى ملكه من عند الله لهذا الغرض خاصه وانما مرجع خطئي هذا الى ان ما منحني الله من قهوه على تمييز الصواب من الخطأ هو عندي قوه متناهيه محدوده " وهو يعني ان اخطائنا لا نرجعها لمشيئه الله وانما يرجع ذالك لارادتنا البشريه ولعيوب في سلوكنا .

 بينما يذهب اخرون من الاتجاه المعاكس للفكر المادي من منطلق الفكر الفكري الديكاليتي وهي فكر ضائع يشتت الانسان كما نجد في فلسفه سارتر ومفهومه للحريه حيث يقول

" هذا الوجود بذاته وجود بلا سبب ولا تفسير قذف به في العالم دون ان يعلم لماذا نعم انني مسؤول عن كل شيء ولكنني غير مسؤول عن مسؤوليتي
لانني لست الاساس في وجودي ومن هنا فان للانسان حماسه لافائده فيها "

ومن منطلق فلسفته الوجوديه بكل تشاؤوم يخبرنا سارتر ان هذا الوجود يتاكد من خلال فعله ارادته وخياراته لكن
" هذا الوعي لايحمل الطمئنينه وانما القلق والخوف فالانسان قد سقط في عالم لم يختره وهو محاط باشياء يدخل في سياقها وتولاتها ويشكل الموت التهديد الاكثر حضورا لوجوده كانما ولدوا كي يموتوا . اذن هو العدم الذي يسكن الكينونه بشكل مستمر اذن وجودنا هو وجود للموت "

احساس فارغ من الحياه لاوجود لادراك لذه للحياه خارج الدين نرى ذاك واضحا متجليا في الفلسفات الوجوديه الماديه البحته وسقوطهم في ثقب اسود من الحيره وايجاد ماهيه للوجود وايجاد للمعنى والحياه  
فهو يعبر بان هذه الحريه ليست نعمه بل مأساه وان الانسان ليس الا مجموعه خياراته ويوضح ذالك بقوله 
"هناك دائما اختيار والاختيار هو الالتزام شئنا ام ابينا ان الاختيار ممكن وهو الشيء الذي لا نستطيع الا ان نفعله انني استطيع دوما ان اختار وعندما لا اختار فانني في الواقع لا اكون الا قد اخترت لقد اخترت ان لا اختار "

الحتميه بالخيار وفرض الوجود بان تعيش لمجرد العيش بعيد عن معاني السعاده وانه يكفيك من التعاسه بانك مجبر على الاختيار والعيش حتى وان اخترت ان لا تختار يشارك سارتر شوبنهاور بتلك النظره المؤلمه فهو يرى ان الحياه شر وان الاراده هي الاصل فالانسان يتحمل العذاب والالام باذلا كل مافي وسعه للحفاظ على هذه الحياه القصيره البائسه التافهه بينما الموت ماثلا امام  عينيه في كل فعل وكل شهيق وزفير متسائلا الا يؤكد كل هذه بان السعاده الدنيويه وهم يجب الاعتراف به وان جوهر هذا الوجود هو الشقاء والالم وان هذه السعاده النسبيه التي يعيشها البعض ماهي الا هم ايضا .
يذهب سبونزا الى ان الحريه وعي الضروره في الحتميه الكونيه وان الانسان حر اذا اتبع ارشادات العقل وبعد قرنين من الزمان يؤكد ماركس على راي سبونزا وحتميه الضروره بما في ذالك الحتميه التاريخيه وسنتاولها لاحقا بشيء من التفصيل .

تتقلب الفلسفه الحديثه بين نارين الماديه و الالهيه والعروج على جميع اراء الفلاسفه 
كانط,هيغل , سيرغون ,نيتشيه ,لوك ,هايدغر ,فيرباخ وهايدغر لا يتسع له المقال . 


لا تغفل الديانات عن الحريه وحق الانسان وحدود حريته ونستطيع تضمينها
ضمن حدود القضاء والقدر وكما نعلم ان الايمان بالقضاء والقدر ركن في 
كل الديانات فهو محط اختلاف ايضا
فعند اليهود انقسمو طائفتين الربانيون الذين ينفقون القدر والقراؤون الذين يرفضون التلمود ولا يعترفون الا بالتوراة فقد قالو ان الانسان مجبور


عند الكتّاب المسيحيّين :

الفكرة الأبرز لدى الكتّاب المسيحيّين ، ربط الحريّة بالخطيئة ، فالإنسان قبل سقوطه في الخطيئة كان حرّاً ، من كلّ أنواع القسر الخارجيّ ومن كلّ سلطة عدا سلطة الله ، لكنَّ الخطيئة أفسدته ، فأصبح خاضعاً لسلطة الغرائز والأهواء والشّهوات ، وبالتّالي فربط الحريّة بالاختيار مشروطٌ بفعل الخير لأنَّه بوسع الإنسان أن يختار بين فعل الشّرّ أو فعل الخير ، لهذا ألحَّ الكتّاب المسيحيّون ـ على حدّ قول الدكتور عبد الرحمن بدوي _ على فكرة اللّطف الإلهي ، لعلّة فساد الطّبيعة الإنسانيّة بفعل الخطيئة ، " فلا بدَّ من اللّطف الإلهيّ ، كي تستطيع فعل الخير ، فلا يكفي معرفة الإنسان للخير ، بل المهمّ أكثر ، أن يقدر على جعل الإرادة تميل نحو الخير ، يقول (القديس بولس ) " حقّاً أنا لا أفهم ما أفعله ، لأنّني لا أفعل ما أريد ، بيد أنّي أفعل ما أكره .." أمّا (القديس أوغسطين ) فيرى أنَّ التّوفيق ممكن بين القول بحريّة الإرادة الإنسانيّة وبين القول بعلم الله السّابق .. فإنَّ الله يعلم أنَّ الإنسان سيفعل بإرادته هذا أو ذاك ، وهذا لا يستبعد أن يفعل الإنسان بإرادته واختياره ، فعلم الله لا يحيل الأفعال من حرّة إلى مجبورٍ عليها .


نظرا لاهميه الفلسفه الاسلاميه عن القضاء والقدر والتي هي اساس مبحثنا هذا 
رايت افراد تدوينه خاصه بها ليتسع التفصيل ولا اهميه تناولها بالادله والبراهين 

للقلم بقيه ..