الجمعة، 21 ديسمبر 2012

الجزء الثاني من السفاري ..

من الجنه الى الجحيم ...



يظل سقف احتياجتنا مرتفع ونظل كائنات متطلبه ملوله تبحث عن التجديد والتغير وبحسب هرم
ماسلو فالانسان عباره عن كتله من الاحتياجات المتلاحقه الاخذه في النمو الواحده تلو الاخرى
وتصل قمه الهرم لتجد ان البحث عن تقديرالذات هي غايه الغايات وراس الاحتياجات واشباعها
يمنحك كل الرضا والسعاده ولاننا حيوانات مفكره فحن نبحث بلا توقف عن العله الغائيه لوجودنا 
او ببساطه سبب وجودنا لماذا خلقنا ؟ من خلقنا ؟ كيف خلقنا ؟ اين سنذهب بعد الموت ؟
من خلق الكون ؟ وكيف خلقه ؟ 
هذه مايطلق عليها الاسئله الوجوديه التي تعتبر لغز محير والتي هي العتبه الاولى المكونه
للمدارس الفلسفيه ومكونه ايضا لمعظم العلوم يكره الانسان الاسئله التي لاتحمل اجوبه فيسعى دائما
لحلها و ايجاد اجوبه حتى لو لم تكن منطقيه او خياليه لذالك اجتهد الكثير في وضع الفرضيات 
ثم السعي الحثيث من الجنس البشري لاثباتها وجعلها نظريات معترف بها ..


نظريه ماسلو النفسيه والتي اطلق عليها هرم ماسلو للاحتياجات النفسيه توضح بشكل جلي 
حاجات الانسان من الاكثر اهميه وهي الاحتياجات الفيسولجيه من الاكل والشرب والنوم والاخراج والتي تشكل قاعده 
الهرم حتى اعلى الهرم وهي الحاجه لتقدير الذات وعبر عنها بالابتكار وحل المشاكل وتقبل الحقائق
وارى انه اخطأ في ذالك وان هذا الجزء ينقصه شيء اساسي وهو الجانب الروحي او ينبغي ان ينفرد في راس الهرم
بجزء خاص به يطلق عليه الجانب الروحي او الهويه او مايسمى في كثير من الثقافات (الغرض)
وكلما كان اهتمامنا بقاعده الهرم اكبر وحصرنا اشباع حاجاتنا الاوليه كل ما كان فشلنا في الحياه اكبر 
واعمق فللاسف منحنا الاوليات والثانويات  اهميه اكبر حتى اصبحت متطلب الحياه الاساسي ان لم يكن الوحيد لكثير من البشر
والعكس صحيح كل ماكان اهتمامك براس الهرم واشباعك للغرض من وجودك في الحياه اعمق كل ما اصبحت حياتك اكثر تكامل وتناغم.

يتحكم في سلوكنا وفهمنا للحياه لبنات الاساس الاولى من الوالدين و الاسره ثم المدرسه ثم الشارع ثم المجتمع
وان كان بنائك الاولي ضعيف من الوالدين والاسره تحكم في سلوكك وزرع القيم والمبادئ الشارع والمجتمع او مايسمى 
بالعقل الجمعي فهو يفرض على المجتمع اسلوب ونمط حياه معين وايطار ثقافي وفكري محدد وكل ماكان المجتمع منغلق 
غير مطلع او منفتح على ثقافات المجتمعات الموازيه و المجتمعات المقابله او المخالفه له كل ماكان العقل الجمعي 
اقوى سلطه واشد فتكا بالمجتمع والعكس صحيح كل ماكان منفتح متقبل لثقافات الاخرى كل ماكان كسر الايطار الفكري والخروج 
منه ايسر واسهل ..

الخروج من مجتمع محافظ الى مجتمع منفتح غير محدد الاطر ديموقراطي كما يسمى قد يسبب لك صدمه ثقافيه 
او صدمه فكريه خصوصا ان لم تكن على اطلاع وبدون ادنى معرفه عن ذالك المجتمع الجديد 
لاكن الخروج من مجتمع محافظ منغلق الى مجتمع اكثر تحفظ ومتقوقع على ذاته يصيبك بشلل فكري وهذيان ثقافي 
غريب ...

تلك كانت حالتي عندما لامست قدماي لاول مره ارض الفول والقصب وازهار الكركديه بلاد الانهار والرمال الذهبيه
 
المطار مدينه بداخل المدينه يحوي مطعم ومعرض سيارات ومحل الكترونيات واجزه منزليه ومواد غذائيه 
حقا لا انسى دهشتي عندما رايتها شعرت بان الطائره هبطت في منتصف المدينه وليست في المطار 
عيناي كانت تدور في ارجاء المكان باندهاش الحلوى هناك وخلفها سيارات ودراجات ناريه تلفت يمنه فتقع عينك
على الثلاجات والافران وادوات المطبخ... ممسكه بوالدي بوجل وبداخلي تساؤل اين انا في مطار ام بقطعه من بلاد اليس 
لم انفك عن سؤال والدي اين نحن وفي كل مره يجيب نفس الجواب في المطار ياحلوتي في المطار لاكنه لايشبهه مطارنا
اقولها وانا اشد قميصه ليتلفت الي وانظر الى عينيه دائما ماكنت ارغب بقراءه اجوبتي من خلال الاعين فهي اصدق الاحاديث
ابتسم فارسي ذات العارض الكثيف الاسود والعينان الحاده كالنسر والبشره السمراء الآخااذه رأى وجلي واستعجابي 
لم يجلس وينزل الى مستوى قامتي ويحادثني لكي يشعرني بانه يفهم خوف الطفله البعيده عن امها من غادرت احضان امها في عتمه الليل خلسه لكي لايشعر اخوتها بذهابها وسفرها المفاجئ  خرجت وامها تحصنها بالدموع ولاتريد ان تفارقها ابدا .. 
 
بل حملني رفعني عاليا جعلني ارتفع لمستوى عيناه وماترى .. لمستوى ادراكه البسني عيناه لارى من خلالهما ماينقصني
قال انظري مد يده الى الطابق الثاني قال هناك افخم المطاعم وارقاها انظري هناك السيارات الفارهه انظري الى تلك الحلويات والماكولات انظري لهذه الدوله الرائعه تجمع 
كل ماتحتاجين في المطار لا تريد ان تتعبي بالبحث  اليست هي حقا سله غذاء العالم
وجلس يضحك بصوت مسموع ثم اشار بيده الى يسار وقوفنا قال هناك بعض 
الاشياء الرائعه غمز لي وادارني لا ارى فوقعت عيناي على الدمى وقد كنت تعلقت بدب صغير بني اللون في مطار مغادرتنا 
من الرياض فوعدني اني ساحصل على واحد حال وصولنا لانه لا يملك الوقت لصرف المال الان وعلينا المغادره الى الطائره 
ابتسمت فانزلني ذهبت مسرعه وانا التفت اليه برهه والى الطريق برهه اخرى... ولاكني لم ابتاع الدميه ... وجدتني 
اتجه الى حقيبه يد صغيره زهريه اللون ونظاره شمسيه بذات اللون ذات اطار من القلوب وعلبه صغيره من مستحضر التجميل 
للاطفال ..!! لا اعلم لم تملكتني رغبه لحظتها بان اكون كبيره بان اتصرف كانثى ناضجه واقتني اشياء البالغين ..هل لانه يعاملني كذالك
هل لانه يشعرني دائما باني عقل ناضج بداخل ملامح طفله ..! هل لانه يرفع مستوى كلماته ويرني افكار الكبار وطرقهم ..!
 لا اعلم...حقا ..!  لطالما تمنيت ان العب تحت المطر ان اعبث باشياء امي فتوبخني 
لطالما تمنيت ان اكون طفله مجرد طفله يهمها اللعب والعبث وتمتلئ بالامبالاه لكني لم اكن كذالك ابدا ...

خرجنا من المطار وسياره الاجره تنتظرنا كنت امشي بتباهي وانا ارتدي نظارات تشبه نظارات مادونا واضع حقيبتي 
الممتلئه بزجاجه عطر صغيره واحمر شفاه وردي ومرآه باربي الزهريه والكثير من الحلوى ...
تقدمني والدي ليفتح لي باب الاجره وهو مبتسم ويقول اركبي ياحلوتي  ....

تحركت السياره وانا اتامل كل هؤلاء البشر المختلفين عنا بالبشره واللغه واسلوب اللباس وكل تلك الاشياء الجديده حتى على 
مخيلتي كانت عيناي مسمره على النافذه اراقب والاحظ كل تلك الاشياء الغريبه واتسائل اين انا ماهذه المدينه التي لاتشبه شيء
مما تركته خلفي الا درجه الحراره المرتفعه والغبار الذي يعلو السماء 
كان السائق يتحدث ولم افهم معظم كلامه و والدي يحدثه تاره بشيء افهمه وتاره بلهجه السائق تودد منه وتلطف في الحديث 
كان يتحدث عن المدينه بشكل جميل ويصفها بطريقه طريفه اذناي كانت بالمركبه وعيناي وروحي تطوف في المدينه 
الوان اللباس كان زاهي جدا بطريقه ملفته لم اكن احبذ الالوان الزاهيه والصارخه واثار استهجاني طريقه لباسهم وتلك الالوان
التي اعتقدت بانها مبالغ فيها وتشوه الشخص لا تجمله ولكن بعدها علمت ان السبب في اختيار تلك الالوان لا التجمل بل
من اجل تخفيف حده الشمس الحارقه وحراره الاجواء المرتفعه لطالما كان الانسان يملك فطره في التعامل مع الطبيعه 
والتكيف مع الطقس والمناخ بشكل فطري غير قابل للادراك فطريقه لباسهم لم تكن بناء على اسس علميه وحقائق بيلوجيه 
انما عادات وتقاليد اتبعت منذ القدم العقل الجمعي للمجتمع يقود الى نفس فكره العقل الكوني الواعي في الحياه  الذي يوجد في كل الكائنات 
وليس فقط في الانسان بل حتى الجمادات وانها جميعا تسير وفق تاثير عقل كوني كبير يجعلها متجانسه 
يقول العالم البيولوجي "جيمس لوفلوك" ، في نظريته الغريبة التي سماها "غايا" Gaia :
" الكرة الأرضية هي عبارة عن نظام بايولوجي كامل متكامل يدخل في تركيبته جميع الكائنات الحية والجامدة على السواء ، لكنها تبدو ككيان واعي يتصرّف بطريقة عاقلة تجاه الظروف والأحوال المختلفة " .
و قد أورد الكثير من الحقائق التي تثبت هذه الفكرة ، كالحقيقة التي تتجلىبظاهرة استقرار درجة حرارة الأرض رغم الارتفاع المضطرد لدرجة حرارة الشمس !
فقد اكتشف خلال دراساته المتعدّدة (مستخدماً حسابات كمبيوترية دقيقة) ، السبب وراء هذه الظاهرة العجيبة .
فجميعنا نعلم أن الألوان الفاتحة تكون أكثر برودة من الألوان القاتمة ، لأنها تقوم بعكس الضوء الذي تتعرّض له ، بينما اللون القاتم يقوم بامتصاصه مما يؤدي إلى ارتفاع في درجة الحرارة .
يقول "لوفلوك" أن الكرة الأرضية تعمل بنفس المبدأ تلقائيّاً ! فعندما تتعرّض لموجات شمسية ذات حرارة زائدة عن المعدّل ، يصبح لونها فاتح أكثر ، و عندما ينقص معدّل الحرارة ، يصبح لونها غامق !
فقد اكتشف "لوفلوك" أنه خلال السنوات التي ترتفع فيها الحرارة التي تتعرض لها الأرض , تزداد أعداد الزهور البيضاء بينما تنخفض أعداد الزهور القاتمة . و كذلك الحيوانات ، كالحمام والأرانب و الكلاب و الخيول وغيرها ، حيث تزيد أعداد الكائنات التي تحمل اللون الفاتح بينما تقل أعداد التي تحمل اللون القاتم ، و حتى أوراق النباتات تصبح أكثر فتوحة ! أي أن البياض يتغلّب على السواد في الطبيعة جمعاء ! . و إذا نظرت إلى الأرض بشكل شامل ، سوف تلاحظ هذا التغيير بوضوح ! . 
متى نتوقف عن التصرف باننا كائنات منفرده منعزله عن الكون باننا اسمى بالتفكير واتخاذ القرار
متى يختفي ذالك الغرور الانساني والكبر المقيت باننا افضل ... 
ان الاوان ان نكون جزء من منظومه الحياه الواحده ان نشارك بوعي في التاثير بايجابيه ومسؤوليه تجاه
معيشتنا وامور حياتنا يجب ان ندرك ان قراراتنا اليوميه الصغيره تاثر في الكون الكبير شئنا ام ابينا 
ينبغي ان نقترب من الارض ونرخي اسماعنا ان نصمت ونتامل في جمال الكون وبديع ماصنع الخالق 
ان نرفع مستوى احساسنا ونرهف مشاعرنا بوعي اكبر ونقول بكل تواضع الحمد لله 
الحمد لله كانت اكثر الكلمات التي شعرت بها حين عشت تلك الفتره البسيطه في السودان 
الفقر الاحتياج والفاقه التي ضربت معظم البلاد اشعرتني باني كنت في الجنه وذهبت الى الجحيم 
العوائل التي تتقاسم المنازل حتى وان لم تجمعهم قرابه فقط ليكون لهم سقف ياويهم 
المدارس الحكوميه التي كانت تقسم دوامها الى صباحي للاولاد ومسائي للفتيات لعدم وجود المباني الكافيه
تجعلني اشعر بالغبطه واقول الحمد لله يقينا وعلما ....

تفاصيل كثيره عن ايام الجحيم سوف اسردها 
في التتمه القادمه ... قد اسرفت في الحديث اليوم واسهبت  

لنا لقاء .. كونو بالقرب يارفاق 

هلاهل